ما أن نزل خالد حتى رأى القرية أمامه...
قرية مظلمة إلا من بعض الأضواء المنبعثة من أمامأبواب المنازل...
هناك بعض الفوانيس الضوئية موزعة على أرجاءالقرية...
منازلصغيرة متباعدة...
هدوء غريب و سكون رتيب...
كانت خطوات الفتى سريعة فأسرع خالد للحاقبه...
انعطف الفتىبعد أول منزل في القرية فهرول خالد ليدركه...
وما أن انعطف خالد حتى شد انتباهه مشهدغريب...
رأى رجلضخم الجثة يجلس القرفصاء و قد ربطت إحدى قدميه بسلسلة كبيرة مثبتة إلى جذعشجرة شامخة...
ظنهخالد في بادئ الأمر مجنوناً
إلا أن قدم الرجل الأخرى كانت مربوطة بسلسلة أصغر لكن نهايتهارُبِطت حول رقبة شاة سوداء...
حين مر خالد بجوار الرجل وثبتالشاة مطلقة صوتاً غريباً...
رفع الرجل رأسه لتلتقي نظراته بنظراتخالد...
هاج الرجل وصاح صيحة عظيمة و هو يندفع باتجاه خالد لكن السلسلةحالت دون وصوله إليه...
كان الرجل قريباً من خالد بحيث لفحت أنفاسهالنتنة وجه خالد...
كان يطلق زمجرة غريبة و يتمتم بكلمات لا قِبل لخالدبها...
هنا .. و هنا فقط سكن الرعب بين أوصاله فسرت في جسده قشعريرة كادتأن توقف قلبه...شعر أنه لا يقوى على الوقوف علىقدميه...
تراجع خالد خطوات إلى الوراء ثم تلفت حوله في خوف...
رأىالفتى بعيداً ينظر إليه...
تحرك خائفاً وجلاً وانطلق في إثر الفتى و الذيبدوره اختفى بين المنازل...
في هذه اللحظة لمح خالد شخصيقترب منه ببطء...
ثبت خالد في مكانه و هو موقن أنه ليس بين بنيالبشر...
حركة الشخص الغريب تدل على أن هناك خطبٌ ما...
شعر أن ماسيحدث أمرٌ لن تحمد عقباه...
كان الشخص الغريب مخيفٌ في خطواته...
يخطوخطوة ثم يقفز في الثانية و يرجع رأسه إلى الوراء بقوة... أوجس خالد منه خيفةو سلَّم أمره لله
حين تبين خالد شكل الشخص الغريب صُعِقَ مما رأى...
رجلٌ بلا ملامح!!!
بل بلا وجه!!!
لا شيء سوى فتحات تقوم مقام الفم و العين أما الأخرى فممسوحة...
قطعتا لحم سوداء تتدلى من كتفيه بدلاً من الذراعين...
ساقان قصيرتان متصلتان بقدمين مفتوحتين في الاتجاه الآخر...
أنحلت العقدة عن لسان خالد ليصيح بأعلى صوته"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"...
توقف الرجل أمام خالد مباشرة ...
تقلص حجم ما يفترض أن تكون عينه الوحيدة...
كشر عن فمٍ لا أسنان فيه أطلاقاً...
تمتم بكلماتٍ غريبة و بصوت كالرعد يصم الآذان...
تحدث إلى خالد بغلظة وقال: لماذا تستعيذ بالله؟!!
هل رأيت شيطاناً؟!!!
لم يجبه خالد بل فتح عينيه على مصراعيها...
تابع الغريب كلامه قائلاً: هل تظن أن أشكالكم أنتم بنو البشر تعجبنا؟!!
هل تعتقد بأن هذا التشكل القبيح يعجنا؟!! لقد أُجبِرنا من ملك القبيلة بأن نتشكل بهيئة البشر بسبب وجودك على أرضنا...
كان خالد يستمع وقد تجمدت أوصاله حتى عن الهرب...
يشعر ببردٍ يسري في أطرافه...
يقرأ في سره ما قد حفظه من كتاب الله...
لم ينتظر الغريب أي ردٍ من خالد بل باغته بسؤال:
هل تريد أن ترى شكلي الحقيقي؟!!
قلها... ليس عليك سوى أن تطلب ذلك!!!
استرسل الغريب قائلاً: لا داعي لأن تطلب سترى شكلي الحقيقي
بدأ الغريب في التشكل...
أول ما لحظه خالد كان تلك القطع اللحمية و هي تكتسب صلابة...
تمددت القطع اللحمية و اكتست بأجزاء مثل قشور السمك...
تلاشت القدمين ليسقط الغريب على ركبتيه ويتخذ وضعية السجود...
من منتصف ظهره برزت مجموعة عظمية متصالبة ذات رؤوس حادة...
تمتد الرؤوس الحادة لتغرس في جانبي الرقبة...
أنفتق رأس الغريب ليكشف عن رأس صغير جداً شبيه برؤوس الكلاب...
ترنح خالد في مكانه وسقط أرضاً و هو يطلق صرخة عظيمة "يا الله"...
سمع خالد صوت من خلفه كصوت الريح و لاحظ أن الغريب قد جمُد مكانه...
التفت خالد إلى الخلف برعب ليرى تلك الطفلة مقبلة إليه مهرولة...
لكنها في هذه المرة كانت أكبر من قبل...
فقد رآها بحدود السابعة أو الثامنة من عمرها...
تجاوزت الطفلة خالد و وقفت بينه و بين الغريب فكان العجب ما رآه خالد...